الثلاثاء، نوفمبر 06، 2012

لنزن أعمالنا قبل أن توزن



كُلُّ شيء في هذا الكون يعمل , ولم يخلق الله سبحانه أي شيءٍ عبثا .. حتى الجماد يعمل عملاً لا ندركه نحن لقصور علمنا , قال تعالى : (وما أوتيتم من العلم إلا قليلا) , وقال سبحانه أيضاً : (وإن مِّنْ شيءٍ إلا يُسَبِّحُ بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم) , سبحان الله ..
خلقَ الله كلَّ شيءٍ وأودع في كلٍّ ما خُلِقَ له , وأعطى ما أراد من العلم بقَدَر , فلا علم لشيء إلا بقدر ما علمه الله تعالى , ولنا أن نستدل أيضاً بقول الملائكة للحق تبارك وتعالى : (سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم) , وبقية خلق الله على نفس القدر ..
خلقنا الله لعبادته أولاً (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) ومن أجل ذلك القى علينا مسؤلية عِمارة الأرض , أجيالٌ بعد أجيال , من خلق آدم حتى قيام الساعه , نعمر الأرض لنستعين بذلك على عبادة الله , إنها مهمة عظيمة نحن عنها غافلون , وبعد خلق آدم عُرضت عليه (الأمانه) فحملها ظلما لنفسه وجهلا بعظمها , وكانت السموات والأرض قد أبين أن يحملنها وأشفقن منها , فتوارثنا الأمانة من عهد ابينا آدم إلى اليوم , فهل أدينا واجبها وحفظنا العهد ؟ ليس تماما فهي تكاد تضيع بسبب تلبيس إبليس علينا , وهو عدونا وعدو أبينا آدم بشهادة ربنا وخالقنا (إن الشيطان لكم عدوٌ فإتخذوه عدواً إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير) , ولنا أن نحاسب انفسنا حتى نكون على يقين بمقدار حفظنا للأمانه , الأمانة في القول والعمل , على المحك عند الغالبية جهلا او إنصياعاً لتزيين إبليس للتهاون بها , ففي أمانة القول إحجام كثير منا إنكار الباطل قولاً لأن إبليس يقول : (دع الخلق للخالق) لست عليهم بوكيل هم مثلك يدركون ما يفعلون , وأنت بمناصحتهم قد تحصل على عداوتهم ويدخل في هذا امور شتى من أشدها شهادة الزور وكتمان الحق , ومن الأمور الأخرى مماطلة صاحب الحق عند مطالبته به , وقس على ذلك .. وفي امانة العمل , لم نتبع قوله صلى الله عليه وسلم (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه) وأخذنا في بخس صاحب العمل حقه من ناحية الوقت وجودة الأداء ! سواءً كان صاحب العمل حكومةً أو كان فردا من الناس , نسرق الوقت ونتكاسل في أداء الواجب لأسباب لا حق لنا أن نتكل عليها ونكون من انفسنا حاكما ومحكوما ونفتي أنفسنا بما يوسوسه إبليس لنا , من كان موظفاً حكومياً فوقت عمله ليس ملكاً له ولا للحكومة بل هو مُلكٌ لوطنه وأمَّته , فإذا بخسه فسيحمل الوِزر معه للآخرة وسيطالبه به كل من له حق فيه , فمن أين له الوفاء ورد الدين ؟ بعضنا يُهوِّن عليه إبليس الأمر ويأتيه بالأسباب الواهية فيجعلها أسباباً جوهرية كافية لنفي الذنب  فيطيعه بلا تردد , إبليس يُصَدِّقُ علينا ظنه فإذا وقعنا هرب قائلاً إنه بريء منا ..
الأسوأ من هذا أن البعض يفاخر بما يختلسه من حقوق عامة الناس ووطنه ويعادي من ينكر عليه ذلك , بل ويستصغره ويصفه بالجبن والدعه , ومثل هذا جعل نفسه مطيةً لإبليس وساعياً لمعاونته في إضلال الناس والتغرير بجاهلهم أو الغافل منهم , تماماً كما تسلط إبليس على آدم وذريته , كون آدم سبب جعله من أهل النار , لذلك يريد إحتناك ذريته وإضلال من إستطاع منهم , ومختلس حقوق الناس يريد الغير أن يحذوا حذوه ويؤلوا مئآله , لا يكتفي بإقتراف الذنب , بل يغتاظ من براءة غيره ..
كل يوم نعيشه يقربنا من الآخرة ويبعدنا عن الدنيا , والآخرة يلزمنا لها زادٌ من الدنيا , فهل قدرنا ذلك وعملنا له ؟ أفضل لك أن تموت وحقك عند غيرك (بلا تفريط) من أن تموت وفي رقبتك حقوق لغيرك , هناك (في الآخرة) لا تسويف ولا تعليل فكل شيء بميزان عدل بين يدي الله عز وجل , لا ذرائع ولا أعذار , والحكم بخطأ عملك أو صلاحه ليس لك , فقط لك ما قدمت من خير او شر , فهلاَّ وزنت عملك الآن قبل أن يوزن لك ؟!
إشاره : ستفتح أبواب السماء يوم القيامة وترسل الكتب (كُتُب الأعمال) فأصحاب اليمين يتلقون كُتُبهم بأيمانهم , وغيرهم بشمالهم , وبعضهم يضع شماله وراء ظهره ويمد يمناه ولكن كتابه يذهب من وراء ظهره فيعطى كتابه وراء ظهره .. هل حسبنا حساب ذلك اليوم ؟!

جعلني الله وإياكم ممن يعطوا كتبهم يأيمانهم .

ليست هناك تعليقات: