الجمعة، سبتمبر 16، 2011

توشيَّات


توشِيَّات
  
  
من مُـنـطـلـق مراقـبة الناس اودُّ ان اتـطـرّق لـبعـض (توشيَّاتهـم) ولعـلِّي
لا اكـون ممن يأتـون تلك التوشيَّات الـتي تثيرني وتجعـلني اكـتـم غـيـظي
وأُبْـدي إستغرابي من اؤلئك الـذين يأتونها بكل كِبْر عـن تعديل أخطائهم !
ولمَّا يلحظ احـدهـم نقـدي(الخفي) له يرمُقُني بعـين الغـيـظ ثم يُصرُّ عليها
ربما عـناداً او من باب تقييمه لـذاته التي (ينزِّهُها) عـن الزَّلل ولا يرغـبُ
برأي الغير ,, (الفاضح) ..

صفةُ الكِـبْر , صفةٌ مـن صفات الكثيرين وهـو ما يُؤَصِّـل فـوضى السلوك
في مجتمعنا ! ألِأنهـم يرون ان العيب ليس فيهم بل في عـيـون المتطفلين
مثلي ؟ لا أدري , ولـكـن المؤكـد ان مـن يأتي هـذا الفعـل الخـاطيء بمثل
هذا الإصرار, هو كتلة عيب لا يُرجى بُرْؤُه !
  
بعـضهـم يرون ان الشجاعة تقتضي عـدم الإعـتـراف (العـلـني) بالخـطـأ ,
وهو عين الجُبْن الظاهر للغير , ولكنهـم يتجاوزونه كِـبْراً وإرضـاءً للذَّات
(المريضه) فأيـن الـقـدوةُ الحسنة للجيل التالي مـن هـذا الجـيـل المتوشحِ
بالكِـبْر ؟ ماذا سنورِّثُ لأجيالنا اللاحقه ؟ وما هـي آمالنا لهم في مجتمعهم
(المُرْتبِك) بين مـا يُلَـقَّـنـوه فـي الـمـدارس ومـا يتعلموه مـن آبآئهـم وغـير
آبائهم من جيل صِبَاهـم ؟ نحن نضع العُـقَـد والصعـوبات (عَمْداً) للأجـيـال
القادمه , وفي وضع ٍ – كما يجـري الـيـوم – فالمنطق يـقـول بأن كـلَّ جـيلٍ
(سيهلهـل) السُّلـوك بِـوفْـقِ شهـوته وطبيعـته وبالـتـالي يـورثـه لـمـن يليه
وبهـذا يتـواصـل (تهشيش) السلـوك في المجتمعـات عـلى مـدار الـزمـن ,
إلا برحمة من الله ..

التجـربة الحياتية أثبتت ان ممارسة سلوك مَّا – بصرف النظر عـن صحته
وخطئه – ولمدة طويلة وبـلا (تعـديل) إذا كان خاطـئاً , او(تطـويرٍ) إذا كان
صحيحاً , سيصبحُ مـن العـادات (شـبه) الملـزمه ! وكـلُّ جـيـلٍ ينهـج هـذا
السلوك سيحوِّرُهُ او (يقَوْلِبُه) حتى يتناسب ورغبة (الـذَّات) , وفي الغالب
فإن اي تغيير يطـرأ عليه سيكون سلبياً بحكم أنَّ (النفس أمَّارةً بالسُّوء) !
ونحن نعلم أنَّ (السُّوء) من اهـداف إبليس – اعـاذنـا الله وإياكـم منه – في
بني آدم , اي ان كـل جـيل يورثُ للجيل الـذي يليه , سلوكا مشينا او على
الأقل خاطئاً يكون قد أعان إبليس , الذي هو اطـول عمرا وصبرا من بني
آدم ! ويحفظ تاريخ مـن يـتولاه والاجـيـال التي سبقته وله مداخله الفتاكة
عليهم , كما تعهَّد امام الله عز وجل ..

تمجيد وتنزيه الـذَّات شيء جميل ولكنه بـحـاجـةٍ إلـى ما يُشَرِّعُه لمُنتَهِجِه ,

اليست الحـقـوق بحاجة إلى إستحـقـاق قـبـل أن تكـون حقـوقـاً ؟ فأين هـذا

الإستحقاق هنا ؟ اهُوَ التورط في العيب مع عدم الرغبة في الإعتراف به ؟

أم أن موازين السلوك كُبَّت عـلى هـامهـا ؟ يـقـول الحكماء والعـقـلاء ان :

’’الإعتراف بالخطأ فضيله’’ فهل الفضيلة لـم تكن مطلبا لهـؤلاء , إذا كـان

يَبِينُ بها إعوجاج سلوكهم ؟ يأتي بعضهم الخـطأ , ويوشـك ان يصححه ,

فإذا لاحظ وجود عينٍ تراقبه , غيَّرَ رأيه واصرَّ على مواصلة الخطأ إثباتاً

(اعـوجاً) على انه ليس خـطأ !! وهـو في الحقيقة تطبيقٌ للـ(كِبْر) المنبثق

من (تقييم الذَّات) وهو التقييم الخاطيء , إذا لم يكن صادقاً ..

 

محبكم
جار سهيل 

ليست هناك تعليقات: