الأحد، ديسمبر 16، 2012

مطايا إبليس



أُهبِطَ إبليس إلى الأرض موعوداً جهنم , وقد تعهد أمام الله أن يغوي بني آدم إلا عباد الله منهم المُخلَصين , وفي رحلته إلى جهنم , وبحسب عهدٍ قطعه على نفسه , فلا بد له من مطايا يركبها من أجيال بني آدم , ومن تلك المطايا من تستعصي عليه مهما حاول تطويعها وتذليلها , ويظل يتنقل بين أجيال بني آدم فإذا طاوعه أحدٌ منهم وإنساقَ له تركه وأخذ بغيره , ولكنه يزاور الأول ليتأكد أنه سادر في غي إبليس ولا يهمله لكنه يمتطي غيره ممن لا زال على الهدى ليحاوره ويداوره ويخالفه الرأي كي يشككه فيما يراه صوابا ويزين له الخطأ ويفضله على الصواب بالوساوس وهوى النفس الأمارة بالسوء كما بَيَّنَ ذلك الخالق سبحانه بقوله : (إنَّ النفس لأمَّارةً بالسوء ,,) ..

الرياء والسُّمعة من أشد اسلحة إبليس التي يستخدمها مع بني آدم , فيزيّنُ للمؤمن القيام بالعبادة إذا عجز عن ثنيه عنها , ثم يزيّن له الجَهْر والتزيّن بها أمام الناس مما قد يبطلها , فيأتيه من باب أن الجهر بها وبيانها للناس ليقتدوا به فيؤجر !! والحقيقة أنه يُدخِلُه في الرياء المُبْطِل للعباده ..

وربما أمر الناس ليتعبدوا ثم يخرب عليهم عبادتهم ويعود ليؤنبهم على ذلك ويأمرهم بالتعويض ثم يشكك في صدق ذلك , وهكذا يظل يلاحقهم بهكذا حلقات من التزيين ثم التشكيك حتى لا يقر لقلوبهم قرار ويبقيهم في لَبْسٍ ووسواسٍ متواصل , ليبعدهم عن صفاء النفس والإقبال على العبادة بصدق نية وصفاء سريره , وليحرمهم الراحة والأجر إلا من رحم الله والهمه الإستغفار والتوبه ..

وتراه في أحيانٍ إذا رأى المتعبد مقبلا بصدق ومتحصنا من الشيطان يأتيه من باب زيادة الحرص ويأمره بالإستعاذة من الشيطان مراراً حتى يصرفه عن البدء بالعبادة بالشك في تعوذه منه !! فيكون بذلك قد أفسدَ عليه البدايه , ثم يذكره بهذا الفساد خلال عبادته كلها , ويستمر في مداخلته للمتعبد حتى ينتهي من عبادته , ثم أنه لا يتركه بعد ذلك بل يواصل أذيته بأن يبين له أن(الشيطان) قد لَبَّسَ عليك عبادتك فربما بطلت وراح تعبك أدراج الرياح !!

وبقدرإيمانك وصدق تعبدك يتسلطُ عليك الشيطان , فهو يجري من إبن آدم مجرى الدم ويداخله في كل شيء , إلا أن الحصن من ذلك يأتي كما قال عليه الصلاة والسلام بأن تنفث عن يسارك ثلاثا وتتعوذ من الشيطان الرجيم ..

ومن الأساليب المعينة بإذن الله على إبعاد الشيطان وتقليل تأثيره على المتعبد , الجزم بصحة موقفه لا بما يوحيه الشيطان من تشكيك ووسوسه , فبعد الإستعاذة والبسملة إستحضر معاني الفاتحة ومثانيها السبع التي تناجي بها ربك سبحانه وتعالى , وإستحضر مباهاة ربك بك عند الملائكة إذا كنت صادقا ومتوجها فعليا إلى ربك قاصدا معاني ما تقول وتقرأ , وإذا شككت فإبن على يقين ما يحضرك , ولا تلتفت لقول الشيطان أنك لا تدري ماذا ترجح , فالأصل هو التمام إلا عندما تكون متأكداً من الخطأ ..

لا نريد أن نكون(مطايا) لإبليس ولكنه يركب نوايانا واعمالنا ومقاصدنا ليجعلنا مترددين وغير متأكدين مما نفعل أو ننوي فعله وماهيَّة مقاصدنا من وراء ذلك , فهو يحذرنا من الرياء ليلهينا عن معنى العبادة ومقصدها , وإذا إنتفى ذلك أمرنا أن نجهر بعبادتنا - كما تقدم - ليدخلنا الرياء بدعوى أخرى كأن نكون قدوة , إلى غير ذلك ..

لو إستوعبنا ما تقدم وإستحضرنا نوايا إبليس , وتوكلنا على ربنا (حق توكله) , وإتقينا الله كما أمر (إتقوا الله ما إستطعتم) لكفانا ذلك من شر الشيطان وشَرَكِه الذي لا يفتر يضعه لنا ..

لنردد دائما وخصوصا في الغدو والآصال وعند النوم :
اللهم فاطر السموات والأرض , عالم الغيب والشهادة ربَّ كل شيءٍ ومليكه أعوذ بك من شر نفسي ومن شر الشيطان وشَرَكِه وأن أقترف على نفسي سوءاً أو أجرَّه على مسلم ..

ثلاث مرات في اليوم(24 ساعه) ليست بالصعبة وإن زدنا ففي مصلحتنا
أعاذني الله وإياكم من شرور أنفسنا ومن نزغات الشيطان وتوهيمه ..

جار سهيل

ليست هناك تعليقات: